Menu

كلُّ العيون على قرارِ  محكمة  "لاهاي"

حلمي موسى.

خاص - بوابة الهدف

 

كتب حلمي موسى*

 

 

غداً بعد الظهر من المقرر أن تصدر محكمة العدل الدّولية في لاهاي قرارها بشأن الخطوة العاجلة لوقف استمرار جريمة الإبادة الجماعية في غزة. وتأمل جنوب افريقيا باسم العدالة الدولية أن يكون القرار لصالح وقف النار الفوري. ويشاركها هذا الأمل كل الشعوب العربية وكل أنصار العدل في العالم لوقف الجريمة الدائرة وحمام الدم.

ويواجه حكام تل أبيب المحكمة، اشكالاً مختلفة من المصاعب بعضها داخلي وبعضها إقليمي وآخرها دولي. وفي مقدمة هذه المصاعب نجد توتر العلاقة الإسرائيلية مع الوسطاء وفي مقدمتهم مصر وقطر.

 

فقد جرى الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تعميق الأزمة بين إسرائيل ومصر.   ونشر التلفزيون الإسرائيلي أن نتنياهو طلب التّحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأنه تم رفض الطلب حتى الآن.

 

وأشارت القناة ١٣ في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية تقدم بطلب عبر هيئة الأمن القومي لتنسيق محادثة بين نتنياهو والرئيس المصري – لكن المصريين لم يستجيبوا للطلب. ويأتي هذا الرفض على خلفية الخلاف العميق بين إسرائيل ومصر حول التحرك المحتمل على محور فيلادلفيا ورفح.

 

وكانت آخر محادثة بين الإثنين قد جرت في يونيو الماضي، بعد ثلاثة أيام من الهجوم على الحدود المصرية .

ومعروف أن هناك خلاف كبير بين تل أبيب والقاهرة حول مسار العمل الإسرائيلي، وهو ما يظهر بوضوح في محور فيلادلفيا الذي يفصل مصر عن غزة. قال ضياء رشوان، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في مصر، أن أي تحرك إسرائيلي لاحتلال محور فيلادلفيا على الحدود بين مصر و غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وخطير للعلاقات بين إسرائيل ومصر.

وقال مسؤول مصري تحدث لصحيفة "العربي الجديد" القطرية المؤيدة، أن "رئيس الوزراء نتنياهو لم يعد يشكل خطراً على العلاقات بين مصر وإسرائيل، لكنه يشكل خطراً على المنطقة بأكملها". ووفقا له، فإن "رئيس الوزراء نتنياهو يعمل بشكل يائس للحفاظ على مستقبله السياسي، أو بشكل أكثر دقة - لإبعاده عن المقصلة".

وكانت مصر قد أبدت غضبها الشديد عندما ردت اسرائيل في محكمة العدل الدولية على إتهامها بمحاصرة غزة بالقول، أن مصر هي التي تتحكم في عبور الأفراد والبضائع إلى غزة وليست إسرائيل. وشكل هذا الإدعاء أحد أركان إبعاد المسؤولية عن المجاعة في غزة عن ظهر الاحتلال والقائها على مصر.

 

وكانت مصر أبدت مخاوفها من مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء وهو مخطط أفصحت عنه صراحة ليس فقد الضغوط العسكرية وإنما أيضاً التصريحات السياسية لكبار قادة الكيان.

ويبدو أن اسرائيل في ظل الحرب تتعمد، لأسباب مختلفة، تعميق خلافاتها مع المحيط العربي وخصوصاً مع الوسطاء. وتعتبر قطر نموذجاً آخر.

 

فقد ذكرت الصحافة الإسرائيلية عن أزمة أخرى مع قطر في حمى المفاوضات بشأن تبادل الأسرى. واتهمت قطر رسمياً "نتنياهو يحبط جهود الوساطة لأسباب سياسية"

 

وحسب موقع "والا" الإخباري فأنهم في الدوحة هاجموا نتنياهو بسبب الانتقادات التي وجهها لقطر خلال لقاء مع أهالي الأسرى الإسرائيليين. وقالت وزارة الخارجية القطرية إن تصريحات نتنياهو "غير مسؤولة وتضر بالجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء". وذلك على خلفية محاولة تحقيق اختراق في المفاوضات مع حماس.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري: "ندين بشدة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد قطر، إنها غير مسؤولة وتضر بالجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء".

 

وتأتي المواجهة بين قطر وإسرائيل في وقت يحاول فيه القطريون ومصر تحقيق انفراجة في المفاوضات بين إسرائيل وحماس حول صفقة جديدة لإطلاق سراح المختطفين في غزة.

ويزعم مسؤولون إسرائيليون كبار أن قطر لم تبذل جهود كافية للضغط على حماس لكي تكون مرنة وتوافق على الصفقة.

وإذا لم تكن هذه الاخبار كافية فإن الخلافات تحتدم أيضاً بين إسرائيل والأردن  أيضاً على خلفية الحرب والخشية من التهجير.

 

ولكن مشكلة إسرائيل تتفاقم ليس فقط مع الدول العربية وإنما أيضاً مع أميركا ودول أوروبية. وعدا عن التصريحات المناهضة لإسرائيل من جانب حكومات ووزراء أوروبيين في بلجيكا واسبانيا وايرلندا وحتى في فرنسا وغيرها هناك أزمة تتشكل حالياً مع الإدارة الأميركية.

ورغم الخلافات البادية بين أمريكا وإسرائيل حول الحرب واليوم التالي لغزة وحل الدولتين إلا أنها لا تقف عند هذه الحدود. فأمريكا يبدو أنها تخطط للإنسحاب من سوريا ولإعادة تموضع قواتها في العراق

 

وذكرت مجلة فورين بوليسي، أن الولايات المتحدة تفكر في الانسحاب من سوريا جراء التوترات الحالية في الشرق الأوسط.

 

وقالت أنه بعد ٧ اكتوبر، والحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة على قطاع غزة، بلغت التوترات والعداء في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ذروتها. ومع مثل هذه الأزمة الإقليمية المعقدة والإدعاءات العديدة حول التصرفات الإسرائيلية في القطاع، تتلقى حكومة الولايات المتحدة انتقادات شديدة لدعمها للبلاد، وربما تعيد النظر في أولوياتها العسكرية في المنطقة .

 

وبحسب التقرير، فإن إدارة بايدن، تدرس الانسحاب من سوريا. وعلى الرغم من عدم اتخاذ قرار نهائي بالمغادرة، قالت أربعة مصادر في وزارة الدفاع والخارجية إن البيت الأبيض لم يعد مهتماً بالحفاظ على المهمة التي يعتبرها الآن "زائدة عن الحاجة". بالإضافة إلى ذلك، تم الإدعاء بأن القواعد الأميركية في سوريا تعرضت للهجوم عدة مرات في الآونة الأخيرة - وهو ما يعد سبباً آخر لمغادرة البلاد. وبحسب المجلة، فإن مناقشات داخلية نشطة تجري هذه الأيام لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم الانسحاب.

 

وعلى الرغم من التأثير الكبير الذي سيتركه الانسحاب على إسم الولايات المتحدة وحلفائها وعلى الأزمة المشتعلة التي لم يتم حلها في سوريا، إلا أن الانسحاب، بحسب المصادر، سيكون أيضاً "هدية لداعش".

لقد صبّت الحرب في غزة والأزمة الإقليمية المشتعلة الزيت على النار وخلقت فرصاً للجماعة الإرهابية لاستغلال الوضع لصالحها.

 

وإذا لم يكن هذا كافياً خذوا تصريحات رئيسة وزراء إيطاليا ضد نتنياهو. إذ ردت على أسئلة المعارضة بشأن موقف الحكومة مما يحدث في الشرق الأوسط: "للفلسطينيين الحق في دولة ذات سيادة بينما نتنياهو يعارض الدولة الفلسطينية"

 

وكتبت معاريف أنه بعد تقريرها السابق عن تغير الاتجاه في القيادة الإيطالية فيما يتعلق بالحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس في غزة، أعلنت رئيسة وزراء إيطاليا، جيورجيا مالوني ، المرتبطة باليمين الإيطالي وبين المعجبين بنتنياهو عن رأيها بأن  "رئيس الوزراء نتنياهو يخطئ وأنا لا أتفق معه. من حق الفلسطينيين أن تكون لهم دولتهم ذات السيادة، بينما نتنياهو يعارض إقامة دولة فلسطينية".

 

وقالت ميلوني أيضاً إن الحكومة تعمل على توفير مساعدات إضافية لغزة، وسنقوم بإحضار أطفال غزة الذين يحتاجون إلى العلاج الطبي إلى المستشفيات في إيطاليا.

ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني إلى إسرائيل غداً. وستأتي زيارته على خلفية التوترات التي خلقها تصريحه يوم السبت الماضي، رداً على سؤال من زعيم اليسار الإيطالي إيلي شلاين، الذي طالب إيطاليا بعدم إرسال أسلحة إلى الصراع في الشرق الأوسط، فأجاب أنه في 7 أكتوبر اتخذت الحكومة الإيطالية بالفعل قراراً بعدم تسليح إسرائيل.

ويقف خلف تصريح وزير الخارجية القانون الإيطالي الذي تم إقراره في البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، والذي يمنع إيطاليا من بيع الأسلحة إلى دولة في حالة حرب. ومع ذلك، قبل حوالي عامين، وجد البرلمان الإيطالي حلاً تشريعياً سمح له بالتغلب على القانون ومن خلال قرار خاص للبرلمان أعطى إمكانية إمداد أوكرانيا بالذخيرة التي تقاتل ضد روسيا. وأثار الجواب الذي ينتمي إلى حزب يمين الوسط "فورزا إيطاليا" غضباً شديداً بين الناشطين المؤيدين لإسرائيل في إيطاليا.

وكل هذا غيض من فيض مما يعتمل في الساحة الإقليمية والدّولية وينبئ بتغييرات جوهرية في المستقبل الذي نأمل أن لا يكون بعيداً.

 

*كاتب صحفي من غزة